كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والاحاطة من حاط بمعنى حفظ ومنه الحائط للجدار الذي يدور حول المكان ليحفظه والله سبحانه محيط بكل شيء أي مسلط عليه حافظ له من كل جهة لا يخرج ولا شيء من اجزائه من قدرته واحاط به البلاء والمصيبة أي نزل به على نحو انسدت عليه جميع طرق النجاة فلا مناص له منه ومنه قولهم احيط به أي هلك أو فسد أو انسدت عليه طرق النجاة والخلاص قال تعالى: {واحيط بثمره فاصبح يقلب كفيه على ما انفق فيها} الكهف: 42 وقال: {وظنوا انهم احيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين} يونس: 22 ومنه قوله في الآية: {إلا أن يحاط بكم} أي ان ينزل بكم من النازلة ما يسلب منكم كل استطاعة وقدرة فلا يسعكم الاتيان به الي.
والوكالة نوع تسلط على أمر يعود إلى الغير ليقوم به وتوكيل الإنسان غيره في أمر تسليطه عليه ليقوم في اصلاحه مقامه والتوكل عليه اعتماده والاطمئنان إليه في أمر وتوكيله تعالى والتوكل عليه في الأمور ليس بعناية انه خالق كل شيء ومالكه ومدبره بل بعناية انه اذن في نسبة الأمور إلى مصادرها والافعال إلى فواعلها وملكها اياها بنحو من التمليك وهى فاقدة للاصالة والاستقلال في التأثير والله سبحانه هو السبب المستقل القاهر لكل سبب الغالب عليه فمن الرشد إذا اراد الإنسان امرا وتوصل إليه بالاسباب العادية التي بين يديه ان يرى الله سبحانه هو السبب الوحيد المستقل بتدبير الأمر وينفى الاستقلال والاصالة عن نفسه وعن الأسباب التي استعملها في طريق الوصول إليه فيتوكل عليه سبحانه فليس التوكل هو قطع الإنسان أو نفيه نسبة الأمور إلى نفسه أو إلى الأسباب بل هو نفيه دعوى الاستقلال عن نفسه وعن الأسباب وارجاع الاستقلال والاصالة إليه تعالى مع ابقاء أصل النسبة غير المستقلة التي إلى نفسه وإلى الأسباب.
ولذلك نرى ان يعقوب عليه السلام فيما تحكيه الآيات من توكله على الله لم بلغ الأسباب ولم يهملها بل تمسك بالاسباب العادية فكلم اولا بنيه في اخيهم ثم اخذ منهم موثقا من الله ثم توكل على الله وكذا فيما وصاهم في الآية الاتية بدخولهم من ابواب متفرقة ثم توكله على ربه تعالى.
فالله سبحانه على كل شيء وكيل من جهة الأمور التي لها نسبة إليها كما انه ولى لها من جهة استقلاله بالقيام على الأمور المنسوبة إليها وهى عاجزة عن القيام بها بحول وقوة وانه رب كل شيء من جهة انه المالك المدبر لها.
ومعنى الآية قال يعقوب لبنيه لن ارسله أي اخاكم من ام يوسف معكم حتى تؤتون وتعطوني موثقا من الله اثق به واعتمد عليه من عهد أو يمين لتاتننى به واللام للقسم ولما كان ايتاؤهم موثقا من الله انما كان يمضى ويفيد فيما كان راجعا إلى استطاعتهم وقدرتهم استثنى فقال إلا أن يحاط بكم وتسلبوا الاستطاعة والقدرة فلما آتوه موثقهم من الله قال يعقوب الله على ما نقول وكيل أي انا قاولنا جميعا فقلت وقلتم وتوسلنا بذلك إلى هذه الأسباب العادية للوصول إلى غرض نبتغيه فليكن الله سبحانه وكيلا على هذه الاقاويل يجريها على رسلها فمن التزم بشئ فليات به كما التزم وان تخلف فليجازه الله وينتصف منه.
قوله تعالى: {وقال يا بنى لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من ابواب متفرقة} إلى آخر الآية هذه كلمة القاها يعقوب عليه السلام إلى بنيه حين آتوه موثقا من الله وتجهزوا واستعدوا للرحيل ومن المعلوم من سياق القصة انه خاف على بنيه وهم احد عشر عصبة لا من ان يراهم عزيز مصر مجتمعين صفا واحدا لأنه كان من المعلوم انه سيشخصهم إليه فيصطفون عنده صفا واحدا وهم احد عشر اخوة لاب واحد بل انما كان يخاف عليهم ان يراهم الناس فيصيبهم عين على ما قيل أو يحسدون أو يخاف منهم فينالهم ما يتفرق به جمعهم من قتل أو أي نازلة أخرى.
وقوله بعده: {وما اغنى عنكم من الله من شيء ان الحكم الا لله} لا يخلو من دلالة أو اشعار بانه كان يخاف ذلك جدا فكأنه عليه السلام والله اعلم احس حينما تجهزوا للسفر واصطفوا امامه للوداع احساس الهام ان جمعهم وهم على هذه الهيئة الحسنة سيفرق وينقص من عددهم فأمرهم ان لا يتظاهروا بالاجماع كذلك وحذرهم عن الدخول من باب واحد وعزم عليهم ان يدخلوا من ابواب متفرقة رجاء ان يندفع بذلك عنهم بلاء التفرقة بينهم والنقص في عددهم.
ثم رجع إلى اطلاق كلامه الظاهر في كون هذا السبب الذي ركن إليه في دفع ما خطر بباله من المصيبة سببا اصيلا مستقلا ولا مؤثر في الوجود بالحقيقة الا الله سبحانه فقيد كلامه بما يصلحه فقال مخاطبا لهم: {وما اغنى عنكم من الله من شيء} ثم علله بقوله ان الحكم الا لله أي لست ارفع حاجتكم إلى الله سبحانه بما امرتكم به من السبب الذي تتقون به نزول النازلة وتتوسلون به إلى السلامة والعافية ولا احكم بان تحفظوا بهذه الحيلة فان هذه الأسباب لا تغنى من الله شيئا ولا لها حكم دون الله سبحانه فليس الحكم مطلقا الا لله بل هذه اسباب ظاهرية انما تؤثر إذا اراد الله لها ان تؤثر.
ولذلك عقب كلامه هذا بقوله: {عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون} أي ان هذا سبب امرتكم باتخاذه لدفع ما اخافه عليكم من البلاء وتوكلت مع ذلك على الله في اخذ هذا السبب وفي سائر الأسباب التي اخذتها في اموري وعلى هذا المسير يجب ان يسير كل رشيد غير غوى يرى انه لا يقوى باستقلاله لادارة اموره ولا ان الأسباب العادية باستقلالها تقوى على ايصاله إلى ما يبتغيه من المقاصد بل عليه ان يلتجئ في اموره إلى وكيل يصلح شأنه ويدبر امره احسن تدبير فذلك الوكيل هو الله سبحانه القاهر الذي لا يقهره شيء الغالب الذي لا يغلبه شيء يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.
وقد تبين بالآية أو لا معنى التوكل وانه تسليط الغير على أمر له نسبة إلى المتوكل والموكل.
وثانيا ان هذه الأسباب العادية لما لم تكن مستقلة في تأثيرها ولا غنية في ذاتها غير مفتقرة إلى ما وراءها كان من الواجب على من يتوسل إليها في مقاصده الحيوية ان يتوكل مع التوسل إليها على سبب وراءها ليتم لها التأثير ويكون ذلك منه جريا في سبيل الرشد والصواب لا ان يهمل الأسباب التي بنى الله نظام الكون عليها فيطلب غاية من غير طريق فانه من الغي والجهل.
وثالثا ان ذاك السبب الذي يجب التوكل عليه في الأمور هو الله سبحانه وحده لا شريك له فانه الله لا اله الا هو رب كل شيء وهذا هو المستفاد من الحصر الذي يدل عليه قوله: {وعلى الله فليتوكل المتوكلون} قوله تعالى: {ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغنى عنهم من الله من شيء إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها} إلى آخر الآية الذي يعطيه سياق الآيات السابقة واللاحقة والتدبر فيها والله اعلم ان يكون المراد بدخولهم من حيث امرهم ابوهم انهم دخلوا مصر أو دار العزيز فيها من ابواب متفرقة كما امرهم ابوهم حينما ودعوه للرحيل وانما اتخذ يعقوب عليه السلام هذا الأمر وسيلة لدفع ما تفرسه من نزول مصيبة بهم تفرق جمعهم وتنقص من عددهم كما اشير إليه في الآية السابقة لكن اتخاذ هذه الوسيلة وهى الدخول من حيث امرهم ابوهم لم يكن ليدفع عنهم البلاء وكان قضاء الله سبحانه ماضيا فيهم واخذ العزيز اخاهم من ابيهم لحديث سرقت الصواع وانفصل منهم كبيرهم فبقى في مصر وادى ذلك إلى تفرق جمعهم ونقص عددهم فلم يغن يعقوب أو الدخول من حيث امرهم من الله من شئ.
لكن الله سبحانه قضى بذلك حاجة في نفس يعقوب عليه السلام فانه جعل هذا السبب الذي تخلف عن امره وادى إلى تفرق جمعهم ونقص عددهم بعينه سببا لوصول يعقوب إلى يوسف عليه السلام فان يوسف اخذ اخاه إليه ورجع سائر الاخوة الا كبيرهم إلى ابيهم ثم عادوا إلى يوسف يسترحمونه ويتذللون لعزته فعرفهم نفسه واشخص اباه واهله إلى مصر فاتصلوا به.
فقوله: {ما كان يغنى عنهم من الله من شيء} أي لم يكن من شان يعقوب أو هذا الأمر الذي اتخذه وسيلة لتخلصهم من هذه المصيبة النازلة ان يغنى عنهم من الله شيئا البتة ويدفع عنهم ما قضى الله ان يفارق اثنان منهم جمعهم بل اخذ منهم واحد وفارقهم ولزم ارض مصر آخر وهو كبيرهم.
وقوله: {الا حاجة في نفس يعقوب قضاها} قيل ان الا بمعنى لكن أي لكن حاجة في نفس يعقوب قضاها الله فرد إليه ولده الذي فقده وهو يوسف.
ولا يبعد ان يكون الا استثنائية فان قوله ما كان: {يغنى عنهم من الله من شيء} في معنى قولنا لم ينفع هذا السبب يعقوب شيئا أو لم ينفعهم جميعا شيئا ولم يقض الله لهم جميعا به حاجة الا حاجة في نفس يعقوب وقوله قضاها استئناف وجواب سؤال كأن سائلا يسال فيقول ما ذا فعل بها؟ فاجيب بقوله قضاها.
وقوله: {وانه لذو علم لما علمناه} الضمير ليعقوب أي ان يعقوب لذو علم بسبب ما علمناه من العلم أو بسبب تعليمنا اياه وظاهر نسبة التعليم إليه تعالى انه علم موهبي غير اكتسابي وقد تقدم ان اخلاص التوحيد يؤدى إلى مثل هذه العناية الإلهية ويؤيد ذلك أيضا قوله تعالى: {بعده ولكن اكثر الناس لا يعلمون} إذ لو كان من العلم الاكتسابى الذي يحكم بالاسباب الظاهرية ويتوصل إليه من الطرق العادية المألوفة لعلمه الناس واهتدوا إليه.
والجملة: {وانه لذو علم لما علمناه} الخ ثناء على يعقوب عليه السلام والعلم الموهبى لا يضل في هدايته ولا يخطئ في اصابته والكلام كما يفيده السياق يشير إلى ما تفرس له يعقوب عليه السلام من البلاء وتوسل به من الوسيلة وحاجته في يوسف في نفسه لا ينساها ولا يزال يذكرها فمن هذه الجهات يعلم ان في قوله: {وانه لذو علم لما علمناه} الخ تصديقا ليعقوب عليه السلام فيما قاله لبنيه وتصويبا لما اتخذه من الوسيلة لحاجته بامرهم بما أمر وتوكله على الله فقضى الله له حاجة في نفسه.
هذا ما يعطيه التدبر في سياق الآيات وللمفسرين اقوال عجيبة في معنى الآية كقول بعضهم ان المراد بقوله ما كان يغنى عنهم إلى قوله قضاها انه لم يكن دخولهم كما امرهم ابوهم يغنى عنهم أو يدفع عنهم شيئا اراد الله ايقاعه بهم من حسد أو اصابة عين.
وكان يعقوب عليه السلام عالما بان الحذر لا يدفع القدر ولكن كان ما قاله لبنيه حاجة في نفسه فقضى يعقوب تلك الحاجة أي ازال به اضطراب قلبه واذهب به القلق عن نفسه.
وقول بعضهم ان المعنى ان الله لو قدر ان تصيبهم العين لا صابتهم وهم متفرقون كما تصيبهم مجتمعين.
وقول بعضهم ان معنى قوله: {وانه لذو علم لما علمناه} الخ انه لذو يقين ومعرفة بالله لاجل تعليمنا اياه ولكن اكثر الناس لا يعلمون مرتبته.
وقول بعضهم ان اللام في لما علمناه للتقوية والمعنى انه يعلم ما علمناه فيعمل به لأن من علم شيئا وهو لا يعمل به كان كمن لا يعلم إلى غير ذلك من اقاويلهم.
قوله تعالى: {ولما دخلوا على يوسف آوى إليه اخاه قال انى انا اخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون} الايواء إليه ضمه وتقريبه منه في مجلسه ونحوه والابتئاس اجتلاب البؤس والا غتمام والحزن وضمير الجمع للاخوة.
ومعنى الآية ولما دخلوا على يوسف بعد دخولهم مصر آوى وقرب إليه اخاه الذي امرهم ان ياتوا به إليه وكان اخا له من ابيه وامه قال له انى انا اخوك أي يوسف الذي فقدته منذ سنين والجملة خبر بعد خبر أو جواب سؤال مقدر فلا تبتئس ولا تغتم بما كانوا أي الاخوة يعملون من انواع الاذى والمظالم التي حملهم عليها حسدهم لى ولك ونحن اخوان من ام أو لا تبتئس بما كان غلماني يعملون فانه كيد لحبسك عندي.
وظاهر السياق انه عرفه نفسه باسرار القول إليه وسلاه على ما عمله الاخوة وطيب نفسه فلا يعبأ بقول بعضهم ان معنى قوله انى انا اخوك انا اخوك مكان اخيك الهالك وقد كان اخبره انه كان له اخ من امه هلك من قبل فبقى وحده لا اخ له من امه ولم يعترف يوسف له بالنسب ولكنه اراد ان يطيب نفسه.
وذلك انه ينافيه ما في قوله انى انا اخوك من وجوه التأكيد وذلك انما يناسب تعريفه نفسه بالنسب ليستيقن انه هو يوسف على انه ينافى أيضا ما سيأتي من قوله لاخوته عند تعريفهم نفسه: {انا يوسف وهذا اخى قد من الله علينا} فانه انما يناسب ما إذا علم اخوه انه اخوه فاعتز بعزته كما لا يخفى.
قوله تعالى: {فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل اخيه ثم اذن مؤذن ايتها العير انكم لسارقون} السقاية الظرف الذي يشرب فيه والرحل ما يوضع على البعير للركوب والعير القوم الذين معهم احمال الميرة وذلك اسم للرجال والجمال الحاملة للميرة وان كان قد يستعمل في كل واحد من دون الاخر ذكر ذلك الراغب في مفرداته.
ومعنى الآية ظاهر وهذه حيلة احتالها يوسف عليه السلام لياخذ بها اخاه إليه كما قصه وفصله الله تعالى وجعل ذلك مقدمة لتعريفهم نفسه في حال التحق به اخوه وهما منعمان بنعمة الله مكرمان بكرامته.
وقوله ثم اذن مؤذن ايتها العير انكم لسارقون الخطاب لاخوة يوسف وفيهم اخوه لامه ومن الجائز توجيه الخطاب إلى الجماعة في أمر يعود إلى بعضهم إذا كان لا يمتاز عن الاخرين وفي القرآن منه شيء كثير وهذا الأمر الذي سمى سرقه وهو وجود السقاية في رحل البعير كان قائما بواحد منهم وهو اخو يوسف لامه لكن عدم تعينه بعد من بينهم كان مجوزا لخطابهم جميعا بأنكم سارقون فان معنى هذا الخطاب في مثل هذا المقام ان السقاية مفقودة وهى عند بعضكم ممن لا يتعين الا بعد الفحص والتفتيش.
ومن المعلوم من السياق ان اخا يوسف لامه كان عالما بهذا الكيد مستحضرا منه ولذلك لم يتكلم من اول الأمر إلى آخره ولا بكلمة ولا نفى عن نفسه السرقة ولا اضطرب كيف؟ وقد عرفه يوسف انه اخاه وسلاه وطيب نفسه فليس إلا أن يوسف عليه السلام كان عرفه ما هو غرضه من هذا الصنع وانه انما يريد بتسميته سارقا واخراج السقاية من رحله ان يقبض عليه ويأخذه إليه فتسميته سارقا انما كان اتهاما في نظر الاخوة واما بالنسبة إليه وفي نظره فلم يكن تسمية جدية وتهمة حقيقية بل توصيفا صوريا فحسب لمصلحة لازمة جازمة.
فنسبة السرقة إليهم بالنظر إلى هذه الجهات لم تكن من الافتراء المذموم عقلا المحرم شرعا على ان القائل هو المؤذن الذي اذن بذلك.
وذكر بعض المفسرين ان القائل انكم لسارقون بعض من فقد الصاع من قوم يوسف من غير امره ولم يعلم ان يوسف أمر بجعل الصاع في رحالهم.
وقال بعضهم ان يوسف عليه السلام أمر المنادى ان ينادى به ولم يرد به سرقة الصاع وانما عنى به انكم سرقتم يوسف من ابيه والقيتموه في الجب ونسب ذلك إلى أبى مسلم المفسر.
وقال بعضهم ان الجملة استفهامية والتقدير أإنكم لسارقون؟ بحذف همزة الاستفهام ولا يخفى ما في هذه الوجوه من البعد.
قوله تعالى: {قالوا واقبلوا عليهم ماذا تفقدون} الفقد كما قيل غيبة الشيء عن الحس بحيث لا يعرف مكانه والضمير في قوله قالوا للاخوة وهم العير وقوله ما ذا تفقدون مقول القول والضمير في قوله عليهم ليوسف وفتيانه كما يدل عليه السياق.
والمعنى قال اخوة يوسف المقبلين ليوسف وفتيانه ما ذا تفقدون وفى السياق دلالة على ان المنادى انما ناداهم من ورائهم وقد اخذوا في السير.
قوله تعالى: {قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وانا به زعيم} الصواع بالضم السقاية وقيل ان الصواع هو الصاع الذي يكال به وكان صواع الملك اناء يشرب فيه ويكال به ولذلك سمى تارة سقاية واخرى صواعا ويجوز فيه التذكير والتانيث ولذلك قال ولمن جاء به وقال ثم استخرجها.